البحث او المقال
حديث الكساء في رحاب فاطمة الزهراء
كُشف الغيب لها ، ونطق الوحي على لسانها ، وهي تروي حديث القداسة والعظمة ، والعصمة والنبوة ، والكرامة والإمامة ، حديثا لم تشهد الأفلاك مثله ولا الأملاك ، ولا تصف عظمته ملائكة السماوات ، حديث الطهر والطهارة ، والولاية والإمامة ، والكمالات الإلهية ، التي تجلت وتمثلت بالعصمة والولاية والنبوة ،حينما اجتمعتا، إذ أتاها نبي الرحمة والنبوة قاصدا نورها الوضّاح ، ليستمد من نورها أنواراً ، وليعلي شأنها شأناً ، وليخبر العالم بأنني قصدت فاطمة في ضعفي ، لأنها الحبل الممدود ، والخيط الرفيع ، الذي من أتاها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى، وهي بين النبوة والإمامة حلقة الوصل ،وأساس الخلق والخليقة ، وهي الهرم المقدس ، ونحن قواعده ، وهي أصله ونحن فروعه ، فبمقصدها تجلت الأنوار وحلت البركات، إذا أتاها بعلها سيد الأوصياء ، ومن ثم سيد الكرم الحسن المجتبى، وشهيد الأمة الحسين شهيد كربلاء .
وتجمعت كل من النبوة والإمامة بمحضرها وتحت كساءها ، وهي تحمل في أحشائها وفي رحمها تلك التي ورثت بيت النبوة والإمامة ،وحينها قال رسول الله صلى الله عليه وآله حينما اجتمعوا جميعا تحت الكساء" اللهم إن هؤلاء أهل بيتي وخاصتي وحامتي ، لحمهم لحمي ، ودمهم دمي ، يؤلمني ما يؤلمهم ، يحزنني ما يحزنهم ، أنا حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم ،وعدوا لمن عادهم ، ومحب لمن أحبهم ، إنهم مني وأنا منهم ، فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك عليّ وعليهم ، واذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا" ،فحينها نزل جبرائيل وانزل آية التطهير فيهم .
أي عظمة حلت بهذا الكساء؟ وأي دفء يكون في ظلاله ؟ يكفي تفاخرا بأن الزهراء صلوات الله عليها أنها ترويه والغيب مكشوف لها ، لأنها كانت تحت ساق العرش ، وكان طعامها التسبيح والتهليل والتحميد ، فالله خلقها من نوره ، قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح ، فلما خلق الله عزوجل آدم عرضت عليه ، فهي خلقت قبل أن يخلق الله السماوات والأرض ، فكانت هي الحوراء الإنسية ، فلذا لا غريب بأن ترى ملكوت السماوات ، وتحكي لنا ما قد تراه ، فهاهي أتت بحديثا، له من العظمة والكرامة فضلا وعظمة لا يدركها عقل بشر، ولا يحصيه ملك مقرب ، ولا يدرك عظمته إلا من كانوا تحت الكساء ، وأي كساءا كان والوحي تحت كساءها نزل ، وهي تقف وتقول عن رب العزة والجلالة، حينما قال: عزوجل يا ملائكتي ويا سكان سماواتي إني ما خلقت سماء مبنية ولا أرضا مدحية ولا قمرا منيرا ولا شمسا مضيئة ولا فلك يدور ولا بحرا يجري ولا فلكا يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء، فقال الأمين جبرائيل يا رب ومن تحت الكساء ،فقال الله عزوجل هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها، فأي حقيقة تروي لنا الزهراء بحديثها هذا .
كمنت حقائق في حديثها بين السطور أخفيت ، ولا تتجلى إلا لمن تربى تحت هذا الكساء وحل تحته ، ولمن نشأ في هذا البيت الطاهر ، بطاهرة العصمة ، ولا ينكشف إلا لمن تأسس على هذا الكساء وتنور به ، فكلما يداخلنا هماً وغما ً ، نأتي إلى بيت فاطمة ، وبيت الوحي ، ونأتي إلى ملكوت الغيب ، وحضور الملائكة وجبرائيل حاضرا ، تنكشف لنا الهموم والغموم ، ونحن لا ندرك ما هو السر الذي يكون في هذا الحديث إلا ما قد منه ظهر ، ولكن في حقيقة الأمر الذي يأتي إلى باب فاطمة الزهراء هل يرد خائبا ؟ وإن كنا قاصرين عن معرفتها ، ومقصرين في حقها ، فهي لا تزال الشمعة المضيئة ،والحديث المخفي عن الحقيقة ، نحن نحل في رحاب حديثها ، نقصدها كما قصدها سيد الرسل، وتحت دفئها نستظل ، وفي حديثها وفي رحابها نحل .فالسلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحصاه علمك وأحاط به كتابك .
بقلم : أم عمار العجمي