المنبر الحسيني منبر خالد
طوال أكثرمن الف وأربعمائة عام ظل المنبرالحسيني منارة شامخة من منارات الإسلام ، يروي قصة استشهاد سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه ) في يوم عاشوراء في كربلاء ، ويبعث قيم الشهادة والبطولة والتضحية في سبيل الحق ورفض الظلم والطغيان والانحراف السلطوي وقد كتبت دراسات وبحوث علمية عديدة عن دور المنبر الحسيني الاجتماعي والديني والإعلامي ، في كثير من الدول الإسلامية ، خلصت اغلبها إلى تأكيد أهمية الخطاب الديني الحسيني في الحفاظ على توهج مبادئ الاسلام النقي في نفوس الملايين ، رغم محاولات التغييب والتشويه والكبت التي مارسها الحكام الطغاة على مرالعصور.
وفي كل عام وخصوصا خلال شهرمحرم الحرام يستذكر المؤمنون واقعة الطف الأليمة ، ويعبركل من هم عن مشاعره الحزينة بطريقته الخاصة ، وتسكب عبرات الكثيرين أمام قصة سيد الشهداء التي يرويها شيوخ المنبر الحسيني ، بأساليب مؤثرة تهز القلوب ، وتجعل من تلك الواقعة الرهيبة شعلة لا تنطفئ إلى الأبد.
وقد ظل المنبر الحسيني ،خلال قرون مضت ، مدرسة في الدين والأخلاق، ويكاد يكون المصدرالرئيس لإحياء واقعة كربلاء، لكن عصرالمعلومات والتقنيات الجديدة فرض وفرة المصادر وتنوع الوسائل، ومن ثم فإن الجيل الحالي يتعامل مع منابرتقنية كثيرة، ينبغي أن تكون موضع اهتمام منقبل المهتمين،من أجل ايصال الخطاب الديني إلى الملايين،وقد اعجبني بعض الشيوخ الاجلاء الذين يحرصون على تسجيل محاضراتهم فيديوياً،ونشرهاعبرقنواتهم الخاصة في موقع (اليوتيوب) في شبكة الانترنيت ، كما وجدت الكثيرمن الناشطين الشباب يضعون على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالأخص الفيسبوك ، مقاطع فيلميه منتقاة من القراءات الحسينية الرائعة.
ومثلما تغيرت الوسائل ، ينبغي أن يتغيرمضمون الخطاب الديني وأسلوبه ، فإذا كانت وظيفة المنبرالحسيني في الزمن السابق ترتكزعلى استدرارعواطف الحزن والبكاء من خلال رواية تلك الواقعة ، فإن الخطاب الديني في عصرالمعلومات يفترض ان يعتمد سرد الحقائق والوقائع التاريخية الموثقة والدلائل التي تخاطب العقول، وتبعث معاني الدين السليم،واعتماد الوعظ والإرشاد والنصيحة والتوجيه التربوي، وتجنب المبالغة والخيال المفرط ، رغم أهمية التداخل بين العاطفي والعقلي في أغلب الموضوعات الدينية!